کد مطلب:174223 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:261

لماذا التأکید لمفهوم الوارث فی زیارة الحسین ؟
لقد ورد فی هذا المفهوم فی اكثر من زیارة ، وكان ّ هناك عنایة خاصة لدی اهل البیت (ع) فی إبراز هذا المفهوم فی حیاة الحسین (ع)؛ ذلك لان ّ معركة الطف من اصدق مشاهد صراع الحضارات فی التاریخ ، لقد جسّدالحسین (ع) الصراع بین الحق و الباطل فی كربلاء، فكانت معركة الطف تبلوراً حقیقیاً لهذا الصراع التاریخی بین الحق و الباطل ، ولذلك نجد فی هذه المعركة انبل القیم و المفاهیم الربّانیة فی طرف ، واخس ّ الرذائل والاهواء الشیطانیة فی طرف آخر، ویاتی تاكید الوراثة فی زیارة الحسین (ع):

اوّلاً ـ للتنبیه علی عراقة واصالة الجهاد الحسینی ، وانه لیس ظاهرة فردیة فی حیاة الإمام الحسین (ع)، و إنّما هی خاصیة عریقة للمسیرة الإلهیة علی وجه الارض ، ورثها الحسین (ع) عمّن كان قبله من الانبیاء و الائمة الدعاة إلی الله، و هذا هو سرّ قوة وصلابة الموقف الحسینی فی كربلاء رغم عدم التكافؤ الواضح بین معسكر الحسین ومعسكر بنی اُمیة فی كربلاء.

و ثانیاً ـ إذا كانت هذه الحركة بهذه الدرجة من الاصالة و العراقة و العمق و القوة و المتانة التاریخیة فلابدّ ان تنتصر علی الجبهة المناوئة التی كان یتزعمها الحاكم الاُموی یزید بن معاویة .

و لیس الانتصار هنا بمعنی الانتصار العسكری فی ساحة القتال ، فقد كان الجیش الاُموی هو المنتصر فی ساحة القتال إذا فسّرنا الانتصار بهذا المعنی الظاهری .

و إنّما الانتصار هنا بمعناه الرسالی و انتصار خط علی خط ، و لاشك ان ّ المعكسر الحسینی هو المعسكر المنتصر بهذا المعنی من النصر، فإن ّالعمق التاریخی و الاصالة و العراقة و المتانة التی یملكها هذا الخط لابدّوان یؤهله لنصر الله تعالی .

إن ّ المعركة بین هاتین الجبهتین فی كربلاء كانت معركة میدانیة و حضاریة بالمعنی العمیق لهذه الكلمة ، و الفئة التی تنتصر هی التی تثبت امام الزوابع و الاعاصیر، وهی الفئة التی تستمد دوافعها من العقیدة و الإیمان ، و تمتد جذورها إلی اعماق التاریخ فی حیاة الانبیاء و المرسلین و جهادهم و دعوتهم ، و هذا هو سرّ انتصار الثورة الحسینیة .

ثالثاً ـ لا تتوقف هذه المعركة عند وقعة الطف ، فهی حلقة واحدة من سلسلة من المواقف الجهادیة و التضحیات و البذل و العطاء فی سبیل الله،تبدا منذ ایام نوح (ع) و قبله ، وتمتد إلی ان یاذن الله تعالی بالاضمحلال الكامل للجاهلیة علی وجه الارض .

و سرّ دوام واستمرار هذه الحركة هو اصالتها و عراقتها و امتدادها العمیق فی الحضارة الإنسانیة الصالحة ، ولیست هذه الحركة نبتة اجتثّت من فوق الارض مالها من قرار، و إنّما هی شجرة طیّبة ممتدة الجذوروالاُصول إلی اعماق تاریخ الإسلام والإیمان .

وكما ورث الحسین (ع) هذا المیراث من ابیه المرتضی (ع) و جدّه المصطفی (ص) واسلافه الطاهرین من الانبیاء المرسلین ؛ فإن اجیال المؤمنین و المجاهدین و الدعاة إلی الله تعالی سوف یرثون من الحسین هذا المیراث ، و یتحركون علی خطاه (ع)، ویرثون منه الخصائص والمواریث التی تجلّت یوم عاشوراء فی كربلاء.

وهذا هو سر استمراریة الثورة الحسینیة فی كربلاء.